*المشهد الثقافي في لبنان بين الماضي والحاضر....!*

عاجل

الفئة

shadow


*#مريانا_امين*

في وطن عربي ربع سكانه لا يعرفون القراءة والكتابة حسب الاحصائيات الأخيرة التي تدمي القلب قبل العين والتي تشير أن عدد الأميين في الدول العربية تخطى التسعين مليون أميّاً.
في وطن عربي لا يسمح لجزء كبير من شعبه ومثقفيه بقراءة كل الكتب، كي لا تصبح المطالعة نشاطا اعتياديا ترشد شعوبنا إلى الحضارة. 
في وطن عربي يستعملون اليوم الانترنت بدلا من الكلمة والكتابة غير مدركين للتدخلات السياسية الكبرى التي تغرق أوطاننا بعدم التقدم، وبالجهل والضياع. 
في وطن عربي يعاني ما يعانيه من مشاكل على مختلف الصعد بغض النظر على من يتحمل المسؤولية لأنها تبقى عائقا على الجميع من رؤساء وملوك وسياسيين وشعوب، يبقى المشهد الثقافي في لبنان من عداد أفضل الدول العربية.

وإذا وددنا العودة إلى الماضي القريب فلبنان منذ نصف قرن بعدما كان مشغولا بالزراعة وشيئا فشيئا نمت في مدنه وقراه المدارس الرسمية، وفي بداية الستينات من القرن الماضي بدأ الوعي اللبناني ينمو، فبدأ بموازاته بداية التطور العلمي، ومن هنا بدأت الجمعيات والأندية الثقافية تزداد من عام إلى عام كان كله بفضل الفكر التقدمي والوطني والقومي الذي أخذ يغزو عقول الشباب.

من هنا كان لبنان وما زال سباقا في الثقافة بفضل ما انتجته مرحلة الستينات والسبعينات من القرن الماضي من أدباء وشعراء وفنانين تشكيليين ونحاتين وغيرهم مما يحتويهم المشهد الثقافي العام، كما أنه بقعة ضوء  ومركز استقطاب للادباء والفنانين العرب الذين زادوا المشهد الثقافي اللبناني غنى.

أما في الأعوام الأخيرة فكان وقع جائحة كورونا وانفجار مرفأ بيروت وإنهيار العملة الوطنية قاسيا جدا.
وفي هذا العام بالتحديد أي ما بين 2022 و 2023 عانى لبنان ما عاناه بعد وصوله على حافة الإفلاس فتعثرت كلفة الطباعة والمنتديات الثقافية ولم تعد تتحمل تكلفة اللقاءات كما قبل ولا دفع مستحقات الانشطة والتجمعات الثقافية والفنية. 

فالكتّاب على سبيل المثال الذين يشكلون واجهة لبنان الثقافية لم يتلقوا دعما كافيا من وزارة الثقافة سابقا فكيف اليوم !؟ 
من هنا نرى المشهد الثقافي في لبنان لا يخلو من المرارة لكنه بالطبع يحمل شعلة أمل، ففي جميع المناطق كانت المبادرات الفردية تحاول أن تنقذ الوجه الثقافي للبنان رغم الازمة الاقتصادية والمعيشية الأكبر والأصعب في تاريخ هذا الوطن الجميل.
فوزارة الثقافة قدمت الدعم المعنوي والجمعيات سارعت لاقامة لقاءات بتكاليف قليلة مقارنة عما قبل.
رغم ذلك وبسبب الوضع المعيشي الصعب ظهرت مجموعات من الفنانين التشكيليين ومن الشعراء والأدباء  الذين بدأوا ينشرون ابداعاتهم عبر  وسائل التواصل الاجتماعي أكثر بكثير من اصدار كتب او إقامة معارض او مشاركة بلقاءات وهذا ما شاهده العالم الاجمع من تردي عربي ملفت في سوق الكتاب خاصة في لبنان، فتدنت مستويات الكتابة وبدأ غض النظر عن الانتاجات الهشة والتساهل في التقييم والمتابعة، وعدم الجدية من قبل المحررين، وغياب ملفت للنقاد ،عدا عن المجاملات والمغالاة والغرور الملفت، كل ذلك أثر سلبا على النوعية مقابل الكمية.

كل ما تقدم، من انهيار اقتصادي مرعب، انعكس على كافة المجالات ومنها المشهد الثقافي في لبنان ولّد ما يشبه الاحباط النفسي لدى الشعب ولدى المثقف والفنان اللبناني لانهم بالطبع أصبحوا جزءا لا يتجزأ من شريحة الفقراء في هذا الوطن الذي كان ولا زال وطن الإبداع والفن والنحت والتراث والثقافة.
وطن جبران خليل جبران  ومي زيادة وفيروز ووديع الصافي فلا بد أن  يرجع المشهد الثقافي قريبا إلى اوجّه على أرض وطن الارز.

الناشر

هدى الجمال
هدى الجمال

shadow

أخبار ذات صلة